الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، والحمد له كل الحمد على نعمة الإسلام والصلاة والسلام على خير الأنام نبينا ورسولنا وحبيبنا وقائدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
ليلة البارحة، وأنا جالس في حديقة المنزل، فإذا بالقمر يتجلى أمامي بعدما غطته بعض السحب التي كانت في الأفق، فنظرت إليه متأملا......
فتذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم حيث روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟» قالوا: لا يا رسول الله. قال: «هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟» قالوا: لا يا رسول الله. قال: «فإنكم ترونه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم...» الحديث وقوله تعالى: {وجوه يوم أذن ناضرة * إلى ربها ناظرة} [سورة القيامة: 22- 23] فأحسست ببرودة ترتاع جسدي، واستشعرت عظمة هذا الرب الذي سنراه جهرة، ذلك الملك الذي نحن مقصرون في حقه، ونذنب على أرضه وفي ملكه، ولكنه يعفو ويصفح لمن تاب وأصلح.....
أتدرون أيها الإخوة!!! والذي نفسي بيده، لو وكل الله حسابنا يوم القيامة لآبائنا وأمهاتنا لهلكنا.... والله، إن الله لأرحم وألطف بنا من أمهاتنا.... رحمان رحيم، غفور ودود، عفو يحب العفو.... إن سألته استجاب لك، وإن استعذت به أعاذك.. وبعد كل ذلك، نعصيه....فنستغفر، فيصفح ! ونتوب فيفرح.
نعصيه مرات.... فيمهل. ونتوب إليه مرة..... فيقبل! الله أكبر ما أحقرنا... الله أكبر يا ويلتنا إن كان لنا رب سواه. والله أيها الإخوة.. إني أكتب هذه الخاطرة ولست بأعلمكم، وإني أتكلم ولكني لست بأفصحكم، وإنني مليء بالذنوب والمعاصي، ولولا ستر الله علي لكره الناس حتى مقابلتي.
والله لو علموا قبيح سريرتي *** لأبى السلام على من يلقاني
عيوبي إن سألت بها كثير *** وأي الناس ليـس له عيوب
وللإنسان ظاهر ما يراه *** وليس عليه ما تخفي الغيوب
ولكني أرجوا من الواحد الرحمن أن يعينني على ترك ما أعلم وما لا أعلم من المعاصي وأن يرحمني وإياكم. إخوتي في الله، أود أن نحاول معا على أن لا نعصي الله عز وجل قدر المستطاع فإن فعلنا فلنتب، ولنسارع بالتوبة فالله عز وجل يحب التوابين. والله أيها الإخوة، إن للمعصية ظلمة، تصيب صاحب المعصية فتطبع على قلبه مرة بعد مرة، حتى يتكون الران على القلب {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} فيصبح القلب كالصخرة لا يعرف حلالا ولا ينكر حراما، بل والله إن بعض الصخور أرق من بعض القلوب الغافلة أعاذني الله وإياكم أن تكون قلوبنا مثلها. هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأرجو أن تؤاخذوني على ما بدر من أخطاء في الرسالة، فالعمل الإنساني لا يخلوا من الخطأ، والله المستعان على ما نقول.
المصدر: موقع المنبر العلمي.